في ظل التطورات المتسارعة في قطاع التجارة والخدمات اللوجستية، تأتي الضوابط المنظمة للإجراءات الجمركية لتؤكد التزام المملكة العربية السعودية بتعزيز الشفافية، ورفع كفاءة الأداء الجمركي، وتيسير حركة السلع والبضائع، بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية، ويسهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030.
أطر نظامية متكاملة
تستند الضوابط إلى نظام الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ولائحته التنفيذية، إضافة إلى الدليل الموحد للإجراءات الجمركية. وقد منحت هذه الضوابط محافظ هيئة الزكاة والضريبة والجمارك صلاحية تنظيم تفاصيل الإجراءات الجمركية، مما يعزز مرونة التطبيق ويتيح مواكبة المتغيرات في بيئة الأعمال.
تعريفات دقيقة لتيسير الامتثال
اعتمدت الضوابط تعريفات واضحة للمصطلحات الأساسية مثل: البيان الجمركي، الدائرة الجمركية، البضائع الممنوعة والمقيدة، السوق الحرة، المستوعبات، بوليصة الشحن، المعاينة، وغيرها. ويهدف هذا التنظيم المصطلحي إلى إزالة اللبس وضمان وضوح الإجراءات لجميع الأطراف المعنية، سواء مستوردين، مصدرين، أو وكلاء ملاحيين.
متطلبات واضحة لتقديم البيان الجمركي
أشارت الضوابط إلى أنه عند تقديم البيان الجمركي يجب إرفاق مستندات أساسية تشمل:
-
الفاتورة التفصيلية (أصلية أو إلكترونية).
-
بوليصة الشحن أو بيان الصادر.
-
شهادة المنشأ أو ما يثبتها عند الحاجة أو طلب المعاملة التفضيلية.
-
أي مستندات أو شهادات تطلبها الجهات الحكومية المختصة بحسب طبيعة البضاعة.
كما أتاحت الهيئة مرونة في التقديم، حيث يمكن تقديم بعض الوثائق لاحقًا خلال فترة لا تتجاوز 90 يومًا مقابل تقديم تعهد أو ضمان مالي أو مصرفي.
إلزام بالأرشفة الرقمية وحفظ الوثائق
في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي، أكدت الضوابط على أرشفة جميع الوثائق إلكترونيًا، بحيث تُعد هذه النسخ الإلكترونية حجة أصلية في الإثبات، باستثناء الشحنات الشخصية عبر شركات النقل السريع. كما يُلزم أصحاب العلاقة بالاحتفاظ بالوثائق الأصلية لمدة لا تقل عن خمس سنوات من تاريخ البيان الجمركي.
دور الوكيل الملاحي في الالتزام المسبق
من النقاط المهمة التي أكدت عليها الضوابط، ضرورة قيام الوكيل الملاحي بتقديم بيانات ومعلومات الشحن وفق المادة (30) من نظام الجمارك الموحد، وذلك قبل وصول السفينة بمدة لا تقل عن 72 ساعة، أو 6 ساعات بالنسبة للموانئ القريبة. وتعد هذه الخطوة محورية لضمان الجاهزية المسبقة وتحقيق انسيابية عمليات الفحص والتخليص.
تعزيز الامتثال دون إعاقة حركة التجارة
ما يميز هذه الضوابط هو التوازن بين التشدد في الامتثال من جهة، وتقديم التيسيرات المشروطة من جهة أخرى، مثل إمكانية استكمال بعض المستندات لاحقًا، وتقديم تعهدات بديلاً عن الوثائق الفورية، والسماح بإرفاق الفاتورة لاحقًا خلال 90 يومًا عند الضرورة.
ختامًا
إن اعتماد الضوابط المنظمة للإجراءات الجمركية يعكس توجه المملكة الحازم نحو حوكمة العمليات الجمركية وتحقيق التكامل بين الجهات الرقابية والقطاع الخاص، مما يسهم في تسهيل التبادل التجاري، وتقليل التكلفة والوقت، ورفع مستوى الالتزام.
ولمنشآت القطاع التجاري والمستوردين والمصدرين، يعد فهم هذه الضوابط أمرًا جوهريًا لتفادي المخالفات وضمان سلاسة العمليات.
شركة تخارج للمحاماة والاستشارات القانونية تقدم خدماتها القانونية المتخصصة في مجال الأنظمة الجمركية والتجارية، وتساعد عملاءها في فهم الضوابط، وتقديم الاستشارات المتعلقة بالامتثال الجمركي، وإدارة المخاطر القانونية المرتبطة بالتجارة الدولية.